عدوى الركود تنتقل من الضفة الغربية إلى أسواق القدس العربية
تم النشربتاريخ : 2015-03-21
قال خبراء اقتصاديون ومسؤولون فلسطينيون، إن الأسواق التجارية في القدس تشهد حالة من الركود اللافت، على مدار الأسابيع الماضية مما يرجح تأثرها بالوضع الاقتصادي للضفة الغربية التي باتت تعانى تحت وطأة الأزمة المالية التي تعانى منها الحكومة الفلسطينية في الفترة الأخيرة.
وعلى غير عادتها، بدت أسواق القدس العربية، فارغة من المشترين خلال الأسابيع الماضية بشكل لافت، ما خلق حالة من الخوف والترقب لدى التجار بإمكانية كساد بضاعتهم في محالهم.
ولم تشفع الأصوات العالية التي ينادي بها التاجر سعيد حواش في سوق خان الزيت بالبلدة القديمة في المدينة، للترويج لبضاعته من الحلي والإكسسوارات التقليدية، لكسب إحدى المجموعات السياحية التي مرت من السوق.
وقال حواش لمراسل الأناضول: "مع نهاية الشتاء ودخول الربيع، تنشط الحركة التجارية في أسواق القدس العربية، سواء من المستهلكين الفلسطينيين أو السياح الأجانب، لكن هذا الموسم يسود أسواقنا الركود".
وقال محافظ المدينة ووزير شؤون القدس عدنان الحسيني، إن هناك ارتفاع فى نسبة الركود بأسواق القدس العربية منذ مطلع العام الجاري، لافتا إلى أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى ازدياد حدة التحريض الذى يمارسه الإسرائيليون فى وسائل الإعلام وغيرها بحق السياح الأجانب بهدف تخويفهم من زيارة أسواق القدس العربية.
وأضاف الحسينى في تصريحات لمراسل الأناضول: " أدى تراجع حجم مبيعات المتاجر العربية إلى دخول الاقتصاد المقدسي حالة من العجز، بسبب عدم قدرة أصحاب المحال التجارية على دفع الضرائب المرتفعة والمتنوعة التي تفرضها إسرائيل".
وقال إن السلطة الفلسطينية غير قادرة على توفير الدعم المادي لأسواق القدس العربية، ولا تملك مقومات النهوض به، مشيرا إلى أنه يتطلع لتنفيذ عدد من الحملات للترويج لزيارة القدس العربية خلال الفترة المقبلة.
وقال مدير عام غرفة تجارة وصناعة القدس فادي الهدمة، إن أسباب الركود الاقتصادي الذى تعانى منه أسواق القدس العربية يرجع إلى تردي الوضع الاقتصادي لحكومة التوافق، والتراجع الكبير لحركة السياحة في المدينة منذ منتصف العام الماضي، وبالتحديد عندما تم حرق الفتى محمد أبو خضير حياً.
وأضاف الهدمة فى تصريحات لمراسل الأناضول: "الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه الحكومة الفلسطينية أدى إلى ارتفاع الركود تراجع النشاط الاقتصادي فى أسواق القدس بنسبة تزيد عن 20 % مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، فهناك آلاف الموظفين المقدسيين يعملون في مؤسسات الحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص في مدن الضفة الغربية، ويعانون من سوء الأوضاع مما أثر على دخولهم ومشترياتهم".
يذكر أن أسواق الضفة الغربية تعاني حالة من تراجع القوة الشرائية، وهو أمر عائد إلى أزمة السلطة المالية منذ بداية العام الجاري، وتقليص رواتب الموظفين التي تصرف مطلع كل شهر.
وتواصل إسرائيل للشهر الثالث على التوالي، حجب إيرادات المقاصة (التي تشكل ثلثي الإيرادات الفلسطينية)، ما دفع الحكومة الفلسطينية للاقتراض من البنوك لتوفير 60٪ من رواتب موظفي القطاع العام، إلى جانب بعض الإيرادات المحلية (الإيرادات الضريبية وغير الضريبية).
وقال الباحث الاقتصادي المقدسي محمد قرش، إن أسباباً مرتبطة بتراجع الوفود السياحية إلى الأسواق المقدسية، وأخرى متصلة بالأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية، هي سبب الركود الاقتصادي في مدينة القدس.
وأضاف قرش خلال تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول: "لاتزال الحركة السياحية الوافدة إلى إسرائيل دون المأمول، منذ الحرب على قطاع غزة، وبالتالي فإن حركة السياح في القدس ما تزال دون المأمول".
وكشفت بيانات وأرقام صادرة عن مكتب الاحصاء المركزي الإسرائيلي الشهر الماضى، تراجع عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل خلال أول شهرين من العام الجاري بنسبة 13٪ إلى 380.4 ألف سائح، مقارنة مع يناير وفبراير 2014، حيث بلغ عدد السياح في أول شهرين من العام الفائت، نحو 430 ألف سائح.
وقالت وزارة السياحة الإسرائيلية فى مطلع العام الجاري، إن أعداد السياح الوافدين لإسرائيل في عام 2014 إلى 3.3 مليون سائح، بانخفاض قدره 6 % مقارنة بـ 3.52 مليون سائح في عام 2013.
وقدّر قرش نسبة التراجع في مبيعات أسواق القدس منذ مطلع العام الجاري، بنحو 30٪ مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، مشيرا إلى أن هذه نسبة خطيرة وداعيا الجهات المعنية للسعى لانتشالها من الحالة التي تعانى منها.
وأضاف قرش: "الأخطر من ذلك أن السياح الذي يحضرون إلى القدس، غالبيتهم لا يزورون الأسواق المقدسية، لأن الدليل السياحي الإسرائيلي يشدد عليهم بأن في القدس الشرقية لصوص، وأن ذهابهم هناك يعني تعرضهم للسرقة، وبالتالي يتجنبون الدخول إلى الأسواق العربية".
وقال الباحث الاقتصادي إن هناك أسباب أخرى لتراجع حركة التجارة من بينها أزمة السلطة المالية، حيث أن الآلاف من المقدسيين هم موظفون في الحكومة والقطاع الخاص، وحجب إيرادات المقاصة أثر سلباً على حركة التجارة القدس.
وأضاف أن الموظف المقدسي الذي يعمل في مدن الضفة الغربية المجاورة، يضطر لتقليص نفقاته الشهرية، حتى تتلاءم وحجم الراتب الفعلي الذي يتقاضاه شهرياً، وهي نسبة 60٪ من الراتب الأصلي.
وتحتوى البلدة القديمة في مدينة القدس، على أكثر من 250 محل تجاري مغلق، بانتظار استثمارات عربية فيها، حتى تعاود فتح أبوابها أمام حركة المواطنين العرب والسياح الأجانب، حتى نهاية 2014، بحسب قرش.
وقال قرش إنه يجب على الحكومة الفلسطينية، ممثلة بوزارة السياحة القيام بدور في إعادة الحياة الاقتصادية للمدينة، لأن غياب المؤسسة الرسمية عن القدس يعني استغلالاً من طرف الإسرائيليين لهذا النقص، وللأسف نجحوا في ذلك، والسوق المقدسي آخذ بالتراجع والقوة الشرائية تتقلص بشكل مستمر.
وقال تجار التقاهم مراسل الأناضول في البلدة القديمة، إنه على الحكومة الفلسطينية القيام بإطلاق حملة تسويق وترويج لأسواق البلدة القديمة في المدينة المقدسة خارج فلسطين من خلال سفاراتها حول العالم، حتى تعود الحياة الاقتصادية من جديد إلى المدينة.
وقال وزير شؤون القدس إنه من الضروري تأسيس وبناء اقتصاد مقاوم في مدينة القدس، عبر تضافر جهود القطاعين العام والخاص مضيفا : "أسواق القدس العربية يجب أن تبقى مزدهرة، لأن ذلك يرافقه استمرار للتواجد العربي فيها".